لكل عصر مصطلحاته ولكل زمان مفرداته اللفظية التي يستعملها.
ومن مصطلحات هذا العصر علي لسان الفتيات "أريد فتي أحلامي" وعلي لسان الفتيان "أبحث عن فتاة أحلامي" والفتي والفتاة معروفان غير أن الذي نريد أن نفهمه هي لفظه "الأحلام".
والأحلام عملية من عمليات النفس. قد يكون لها فيما بعد أثر علي السلوك. وهي بهذين الاعتبارين قائمة علي إقصاء العقل. وإبعاد الفكر. لأن الذي يصور لنا أحلام اليقظة إنما هي القوة المتخيلة. فالفتي والفتاة في مرحلة من مراحل العمر يجلس كل واحد منهما إلي نفسه ويتخيل الطرف الآخر الذي يفضل أن يرتبط به وتخرج الصورة من القوة المتخيلة صورة مثالية من وجهة نظر صاحبها. ويقف صاحبها عند حدود رسم صورة فتي أو فتاة أحلامه. وهذا التوقف هو الذي يشتمل علي مكمن الخطر. ذلك أن الزواج وتكوين الأسر لا تحدده العمليات النفسية وحدها. وإنما لابد أن يندفع الموقف ليتقدم خطوة إلي الأمام وهذه الخطوة تتجاوز العمليات النفسية إلي العلاقات الاجتماعية المتساندة وهو أمر يدفعنا إلي أن نخرج في فهمنا للمواقف كلها بين عمل علم النفس وعمل علم الاجتماع في تخصص جديد..يعرفه علماء علم النفس الاجتماعي.
وهنا وهذه فقط مكمن الخطر حين نتوقف عند أحلام اليقظة بشكل عام وفتي الأحلام أو فتاة بشكل خاص.
وإذا أردنا أن ننظر إلي عملية تكوين الأسرة في خطواتها الأولي من منظور إسلامي. نجد الإسلام في نصوصه يدفع فتيانه وفتياته إلي التفكير بالأهداف.
والمرء حين يفكر بالأهداف يضمن للمشروع الذي يفكر فيه النجاح والاستمرار غالباً ومن النصوص القرآنية المتصلة بهذا الموضوع. قوله تعالي "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" وهذه الآية علي قلة ألفاظها قد أوضحت لنا أن التفكير بالأهداف في إنشاء الأسرة قد أخذ في اعتباره عمليات النفس كلها كما أخذ في اعتباره جزء غير يسير من السلوك. فالمرء تقع عينه أول ما تقع وهو يتلو هذه الآية علي كلمة "لتسكنوا إليها" ومادة السكن فيها من الرحابة ما يشمل السكون الذي هو مقابل الحركة. والسكن الذي يعني الإقامة والاستيطان وهما أمران مردان من الآية حين تدفعنا إلي التفكير بالأهداف.
فالمرء الطالب للزواج لابد أن يكون واعيا بأنه من مطلوبات الزواج الكبري أن يسكن كل من الطرفين بعد اضطراب. ويهدأ بعد حركة مقلقة وأن يقيم كل من الطرفين إلي جوار الآخر في وطن واحد ومكان بعينه. وأن يضع كل من الطرفين عصا ترحاله عند الاخر ليسكن إليه في إقامة لا قلق فيها ولا اضطراب.
وفي الآية عندما نتأملها لفظة "المودة" ولا تعني المودة إلا هذا السلوك المثير لانفعال في داخل النفس يترتب عليه بالدرجة الأولي تكوين العواطف وإنشائها من العدم.
والتي بلغت النظر إلي الاعتناء بهذه المودة كأن تكون المرأة مطيعة. وأن يستحسن الرجل من زوجته ولو لم يكن هناك ما يستحسنه منها.
إن كل سلوك يأخذ صفةالإثارة للانفعال إنما هو وحده المستحق لوصف المودة